2010-04-04

الإسلام والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر


الإسلام والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
الخميس 1430-06-18هـ الموافق 2009-06-11م العدد 13145 السنة الأربعون 
عزيزي رئيس التحرير

ترتبط خيرية هذه الأمة ارتباطا وثيقا بدعوتها للحق، وحمايتها للدين ، ومحاربتها للباطل وفي أداء هذا الواجب الرباني حماية لسفينة المجتمع من الغرق ، وحماية لصرحه من التصدع ، وحماية لهويته من الانحلال ، وإبقاء لسموه ورفعته ، وسببا للنصر على الأعداء والتمكين في الأرض ، والنجاة من عذاب الله وعقابه ذلك أن قيامها بهذا الواجب يحقق لها التمكين في الأرض ، ورفع راية التوحيد ، وتحكيم شرع الله ودينه ، وهذا هو ما يميزها عن غيرها من الأمم ، ويجعل لها من المكانة ما ليس لغيرها ، ولذلك امتدحها الله تعالى في كتابه العزيز حين قال:(كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله ). ولخطورة هذه القضية وأهميتها،ينبغي علينا أن نعرف طبيعة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، ونعرف شروطه ومسائله المتعلقة به، ومن هنا جاء هذا الحديث عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:(من رأى منكم منكرا فليغيره بيده ، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان) رواه مسلم . ليسهم في تكوين التصور الواضح تجاه هذه القضية ، ويبين لنا كيفية التعامل مع المنكر حين رؤيته لقول رسول الله صلي الله صلى الله عليه وسلم (من أحدث في أمرنا هـذا مـا لـيـس مـنه فهـو رد ). رواه الـبـخـاري أن من أحدث في هذا الأمر - أي الإسلام - ما ليس منه فهو مردود عليه ولو كان حسن النية، وينبني على هذه الفائدة أن جميع البدع مردودة على صاحبها ولو حسنت نيته. لأن العمل له نية وله صورة فالصورة هي ظاهر العمل والنية باطن العمل. أن من عمل عملاً ولو كان أصله مشروعاً ولكن عمله على غير ذلك الوجه الذي أمر به فإنه يكون مردوداً لأن هذه كلها ليس عليها أمر الله ورسوله فتكون باطلة مردودة. والأمثلة كثيرة منها من باع بيعاً محرماً فبيعه باطل, ومن صلى صلاة تطوع لغير سبب في وقت النهي فصلاته باطلة ومن صام يوم العيد فصومه باطل وهلم جرا، لأن هذه كلها ليس عليها أمر الله ورسوله فتكون باطلة مردودة. والقضية الثانية ما يبينه لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث يقول المصطفى : (إن الحلال بيّن والحرام بيّن ، وبينهما أمور مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس ، فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه ، ومن وقع في الشبهات فقد وقع في الحرام ، كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يرتع فيه ، ألا وإن لكل ملك حمى ، ألا وإن حمى الله محارمه ، إلا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله ، وإذا فسدت فسد الجسد كله ، ألا وهي القلب ) رواه البخاري و مسلم. وهنا قسّم النبي صلوات ربي وسلامه عليه الأمور إلى ثلاثة أقسام ، فقال : (إن الحلال بيّن ، والحـرام بيّن ) فالحلال الخالص ظاهر لا اشتباه فيه ، مثل أكل الطيبات من الزروع والثمار وغير ذلك، وكذلك فالحرام المحض واضحةٌ معالمه، لا التباس فيه ، كتحريم الزنا والخمر والسرقة إلى غير ذلك من الأمثلة. أما القسم الثالث ، فهو الأمور المشتبهة ، وهذا القسم قد اكتسب الشبه من الحلال والحرام ، فتنازعه الطرفان ، ولذلك خفي أمره على كثير من الناس ، والتبس عليهم حكمه. أن أحكام الشريعة واضحة بينة، وبعض الأحكام يكون وضوحها وظهورها أكثر من غيرها، أما المشتبهات فتكون واضحة عند حملة الشريعة خاصة، وخافية على غيرهم، ومن خلال ذلك يتبيّن لك سر التوجيه الإلهي لعباده في قوله : (فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون) لأن خفاء الحكم لا يمكن أن يعم جميع الناس ، فالأمة لا تجتمع على ضلالة . وكذلك ما ورد في السنّة النبويّة نحو قوله صلى الله عليه وسلــــم : (تركتكم على البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها بعدي إلا هالك) رواه أحمد و ابن ماجة وقوله تعالى عز وجل : (ونزّلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء) . فالحمد لله الذي أكمل لنا الدين وأتم علينا النعمة.
نبيل بن أحمد الحميني ـ مطار الملك فهد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

كـي تدب الحيـاة فـي المدونـة يسعدني مشاركتك بوضـع تعليقك او حتـى انطباعك ،